لبنان وفشل جديد للبروفة الأمريكية !!


كتب الأستاذ / محمد السروجى

محاولة صعبة أن تقف على مسافة واحدة من أطراف النزاع القائم بين الأخوة الفرقاء في لبنان ولكن أمانة الكلمة وموضوعية التناول تقتضي ركوب الصعب! فلبنان له طبيعته الخاصة بموقعه الجغرافي المتميز ونمطه الديمقراطي الفريد وخريطته السياسية المعقدة، لذا فقد أصبح من المعلوم عن لبنان بالضرورة أنها لن تحكم إلا بالتوافق بل ومن المستحيل أن تحسم الساحة لأي تيار مهما كانت إمكاناته البشرية والمادية والعسكرية بل وعلاقاته الخارجية ، هذه القاعدة البسيطة تجاوزتها إدارة المشروع الأمريكي ودول الجوار العربي الموالية ليتكرر سيناريو ثبت فشله مرات ومرات ليس في لبنان وحدها بل وفي المنطقة العربية خاصة في فلسطين، سيناريو تشابه لدرجة التطابق في الشكل والمضمون بل والأخطاء خاصة في حالتي حماس وحزب الله!
البروفة الفاشلة
** في فلسطين انتهت انتخابات يناير 2006 بتفويض شعبي تجاوز ال60% لحركة حماس في تجربة ديمقراطية لم يعهدها العرب وعلى الفور بدأت البروفة الأولى حيث رفض صقور فتح بدعم أمريكي وعربي الانتقال من مربع الحكم إلى مربع المعارضة وكان الحصار الظالم والشامل المستمر حتى الآن وكانت الألغام التي زرعتها صقور فتح في كل طرق حماس لإفشالها وإسقاطها – راجع خطة بوش لإسقاط حماس – وفي يونيو 2007 كان الحسم العسكري لقطاع غزة والتي أثبتت الوثائق أنه كان إجراءً وقائياً لا مفر منه رغم قسوته ومررته وأخطاءه ، وفشلت البروفة الأمريكية الثانية حيث هرب قادة صقور فتح إلى مصر – دحلان وأبو شباك والمشهراوي وغيرهم – وفي مارس الماضي كانت المحرقة الصهيونية ضد حماس والتي فشلت هي الأخرى في تحقيق أهدافها رغم المأساة الإنسانية التي خلفتها! ولم يبق من الخطة إلا سيناريو الحصار الحالي
** في لبنان تكرر نفس السيناريو مع اختلاف المسرح والأشخاص في حرب يوليو 2006 والتي خرج فيها الكيان الصهيوني مهزوماً على كافة المستويات العسكرية والسياسية والنفسية وأكد تقرير فينو جراد هذه النتائج كما أكد على ضرورة نزع سلاح الإشارة لحزب الله لكونه من الأسباب الرئيسة لنصر حزب الله وهزيمة إسرائيل لتبدأ البروفة الثانية في مايو الجاري ونعيش جميعاً أحداث لبنان التي نفخ في كيرها تيار المولاة بقيادة الجنرال وليد جنبلاط والذي هدد بحرق الأخضر واليابس ثم سرعان ما تراجع عندما رجحت كفت الآخرين ليطالب بالقفز فوق الجراح والعودة للتفاهم!
خطأ عربي متكرر
للأسف الشديد صدقت المقولة الصهيونية عن الأنظمة العربية "أنهم لا يقرءون وإذا قرءوا لا يفهمون وإذا فهموا فسرعان ما ينسون" فقد تكررت نفس الأخطاء على مستوى المواقف السياسية والتصريحات الإعلامية لدرجة تجاوزت الانحياز لتصل إلى التحريض والتهديد ضد تيار المقاومة أياً كان لونه وموقعه! مما شكك في بعض الولاءات والانتماءات بل وأثبت القصور الضخم و الواضح التي تعاني منه الدبلوماسية العربية خاصة في الدول ذات الثقل والتأثير! التي مازالت عاجزة عن التوظيف الأمثل للأوراق والفرص المتاحة وهي كثيرة وانشغلت بالمصالح الشخصية الضيقة ! بل راحت تلعب بأوراق خطيرة تهدد بأزمة محلية و إقليمية ، أوراق المذهبية والطائفية وهم الذين صدعوا رؤسنا بعدم خلط الدين بالسياسة والمواطنة ! فظهرت أوراق السنة والشيعة والمشروع العربي والمشروع الفارسي بل والمسلمين والمسيحيين ! يا لها من أوراق لو تناولها غيرهم ! لاتهم بالخيانة العظمى !
وأخيراً
رغم صعوبة الأوضاع وتلاحق الأحداث إلا أننا لن نفقد الأمل في الشعوب التي أفسدت وبمهارة كل المؤامرات والمخططات التي تحاك لهذه المنطقة رغم يأسنا الشديد وبيقين كامل من الأنظمة التي تحكم ومنذ عقود فلم تقدم لنا إلا بضاعتها المعهودة الاستبداد والفساد! و يبقى السؤال ماذا تخطط أمريكا للفترة القادمة وكيف ستتعاطى الأنظمة وما هو الدور المنتظر للشعوب ؟!

ليست هناك تعليقات: