سياسة في سياسة

كتب أبو جهاد
مرت أحداث غزة كما مرت أحداث الحرم الإبراهيمي و صابرا و شاتيلا و مرج الزهور و نهر البارد و غيرها و غيرها و غيرها كثير كثير كثير مما لا أحيط به ذكرا , و يا لها من ذكريات أن أملأ رأسي بكل هذا الكم من الدماء و الأشلاء و صراخ الأطفال و نواح الثكالى
هل الدبلوماسية أن ألقى الناس و اليهود منهم بوجه طلق مبتسم و يد ممدودة بالسلام و العناق و نظرات عاشق ولهان , أنا سياسي فاشل و دبلوماسي لا يرتجى منه أي فائدة على هذا الصعيد فأنا لست كهيلارى كلينتون التي أدت صلاة اليهود أمام كل وسائل الإعلام أثناء زيارتها لأرضنا المحتلة و لا فخر , ليتنى أستطيع أن أكون دبلوماسي و سياسي ناجح كما يفعل مثلى الأعلى أبو الليل أو أبو الغيط أنا لا أذكر الاسم جيدا و لكنه شيخ منصر أقصد وزير مصري في وزارة ما , أول مرة رأيت صورته كان برفقة السيدة الرائعة المروعة وزيرة الخارجية الإسرائيلية , كان ممسكا يدها كمراهق أول مرة يشوف بنات , و اتضح لي لاحقا أن هذه هي السياسة , فوزراؤنا الأشاوس يظهرون الود لليهود و لكنهم إذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا إنما نحن مستهزؤن , أي أن وزراؤنا المغاوير منافقين أي ينافقوا اليهود , يا سلام دى السياسة صعبة بصحيح , يعنى كل الأحضان و الأشواق و القبلات و السلامات مجرد إشغالات و اليهود الهبل مصدقين , صحيح مش أي حد يبقى وزير , لا أزكيهم على الله و إنما أحتسبهم عند الله تعالى في زمرة الشياطين
منذ فترة طويلة كنت أتحدث مع بعض أقاربي الفلاحين و هم أزهريين يحفظون القرآن و دراساتهم كلها دراسات إسلامية و شرعية , كان محور حديثنا الدعوة في سبيل الله و من هو الداعية و ما هي الشروط الواجب توافرها في الداعية ليكون مؤهلا لحمل هذا الدور الخطير , وجهة نظرهم هي أن الدعوة لله هي من حق الأزهر الشريف و رجاله فقط حيث أن عندهم المؤهلات و العلم اللازمين للقيام بهذا الدور وهذه حقيقة , أنا أوافقهم في هذا مع إضافة أن الدعوة لله واجب الجميع و كل المسلمين , و حاججتهم بقصة مؤمن ياسين و كيف أن قرية فيها ثلاث رسل يدعون لم يمنع مشاركة من أقصى المدينة متمثلة في رجل يسعى , مجرد رجل يدعو قومه لمثل ما يدعو إليه الرسل , و قال الرجل انطلاقا من حبه لقومه و خوفا عليهم و رغبته في خيرهم و أمنهم "قال يا قوم اتبعوا المرسلين , اتبعوا من لا يسألكم أجرا و هم مهتدون , و ما لي لا اعبد الذي فطرني و إليه ترجعون , أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عنى شفاعتهم شيئا و لا ينقذون , إني إذا لفي ضلال مبين , إني آمنت بربكم فاسمعون" , كان هذا قول رجل يسعى فما كان قول الله جل في علاه "قيل ادخل الجنة".
رجل متطوع ذو علم و لكنه لا يقارن بعلم رسول واحد فضلا عن ثلاث رسل مجتمعين , لم يمنعه ذلك كله من الدعوة و الإرشاد و التوضيح و التبيين في سبيل الله
أنا لا أقول أن الأزهر و علماؤه لا أهمية لدورهم , و لكن اسمحوا لي بمثال , مجموعة من الناس تحاول بناء مدينة سكنية حضارية , ما المطلوب , مطلوب خامات و معدات و موقع مناسب و مخططين و مهندسين و مشرفين و عمال بناء , القرآن هو الخامات فنحن نبنى أنفسنا و أخلاقنا بالقرآن , السنة و السيرة هي معداتنا و أدواتنا , الموقع أي مكان عبر تاريخ أمتنا الإسلامية , المخططون تمثلهم الحكومة القائدة لمواطن النفع الرائدة لآفاق الخير للدنيا و الدين , المهندسون هم علماء الإسلام الأجلاء الثقات , المشرفون هم الدعاة الخطباء المفوهين الواعين بمجريات الأحداث الغيورين على دينهم المحبين لأوطانهم و مواطنيهم , عمال البناء هم كل مسلم تحلى بالفهم الدقيق لدعوة الله سبحانه و تعالى , و تحلى بالإيمان العميق بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره و شره , و تحلى بالارتباط الوثيق الإيماني الرباني بإخوانه المخططين و المهندسين و المشرفين و العاملين في سبيل الله
هل لنا أن نتخيل مهندسين و مشرفين و عمال يحاولون بناء مدينة بدون تخطيط , ما بالنا لو تغيب المهندسون أو غيبوا قسرا عن عملية البناء , هل يكفى الإشراف و العمال فقط لبناء مشروع حضاري
الدعاة الآن منتشرون على كل الفضائيات و الناس تسمع و تشاهد , نحن كمن يبنى عشوائيات تماما مثل عشوائيات المدن التي تسعى الحكومة لإزالتها سواء كانت عشوائيات سكنية أو عشوائيات دعوية
نعم العشوائيات الدعوية تؤوينا و توفر لنا السكن و السكينة و تجمعنا على خير و تحمينا من حر المعاصي و برد موات القلوب , و لكنها ما زالت عشوائيات تفتقر إلى البنية التحتية السليمة و المرافق الضرورية للتواصل فضلا عن ضآلة فرص التوسعات المستقبلية و لا أقول توحيد الجهود لمشروع حضاري إسلامي عالمي قائم على الإعداد و الاستعداد و يهدف إلى الأمن و السلام و الرخاء و العدل و المساواة
سكان العشوائيات على قيد الحياة وعددهم في ازدياد و هم كثير و ليسوا قلة و لكنهم غثاء لا يشاركون في قرار فضلا عن كونهم يصنعون أى قرار , القرارات تصنع في مصر الجديدة و المهندسين و الزمالك و المعادى و جاردن سيتي و الدقي و لكن ليس في الدويقة و الحسينية و المغربلين و عزبة الصفيح و زينهم و الدرب الأحمر
دعوة الله تسكن العشوائيات و دعوة الشيطان تسكن القصور , هذا ليس حقد طبقي و لكنه كناية عن استعلاء دعوة الباطل و انحسار دعوة الحق , الحق المطلق باق لا يظهر عليه شيء , و لكن من يحملون الحق ينحسرون و يحاصرون في أركان العشوائيات و لا يسمح لهم بالذهاب إلى شرم الحاخام –الشيخ سابقا- مدينة الاستسلام –السلام سابقا- من أجل تسول أموال إعادة الخراب , و لكن التسول له أهله , أما أهل غزة العزة فهم ذوى نخوة و كرامة و عزة و لذلك فهم غير مدعوين , الدعوة موجهة فقط لكل متسول متذلل شحاذ
عشوائيات الحق عندي خير من قصور الباطل , و لكن ألسنا على الحق , و لكن أليسوا على الباطل , فلم نعطى الدنية في ديننا
قد أكون من القوم الذين يستعجلون , فكما قلت لكم فأنا لست دبلوماسي ناجح و لا سياسي أريب , إنما أنا نصف رجل يشكو بثه و حزنه إلى الله و أعلم من الله ما تعلمون
فلسطين الجريحة سامحينا إذا قلنا لعلك تسلمينا -------------- إذا كانت إغاثتنا هباءا غذاءا أو دواءا أو أنينا
و إن نرجوا هيئة الأمم إلتفاتا و قد كاد الأمين بأن يخونا
و إن كنتم يهودا أو نصارى وجدتم مجلس الأمن المعينا
لماذا أيها الحكام فينا تفرقتم يسارا أو يمينا ----------- و أجمعتم على شكوى شبابا تدين بعد أن عرف اليقينا